اغتيل الصحفي أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة، في هجوم مباشر للجيش الإسرائيلي خارج مستشفى الشفاء في مدينة غزة، حيث كان يغطي الأوضاع الإنسانية المتدهورة، وقد قُتل مع زملائه محمد قريحه، وإبراهيم زاهر، ومحمد نوفل، ومعاوية عليوة، في قصف استهدف خيمة الإعلاميين، وهو ما يُعتبر هجومًا دقيقًا وليس حادثًا عارضًا في سياق الحرب، أنس الشريف، الذي وُلد في عام 1996، كان شابًا فلسطينيًا من جباليا، وقد بدأ تغطيته للأحداث في غزة منذ 22 شهرًا، حيث كان يصر على نقل الحقائق المروعة عن الحرب والقتل المتعمد، وقد عُرف بشجاعته وإصراره على مواصلة العمل رغم المخاطر المحدقة به.
لقد شهد الشريف العديد من الحروب منذ طفولته، حيث كان في الثالثة من عمره عندما بدأت الانتفاضة الثانية، وعاش تحت الحصار منذ أن كان في العاشرة، على مدار مسيرته، أصبح الشريف صوتًا موثوقًا به في العالم العربي، حيث نقل معاناة الشعب الفلسطيني، بما في ذلك فقدان والده على يد القوات الإسرائيلية، وفقدان التواصل مع والدته وابنته وشقيقه، الذين عانوا من ويلات الحرب.
لقد كان يغطّي الأحداث من أخطر الجبهات في شمال غزة، حيث واجه القصف والجوع دون أن ينحني أو يُسكت، تولى الشريف مهمة نقل قصة غزة بعد مقتل زملائه، مثل إسماعيل الغول، الذي قُتل أيضًا برصاص إسرائيلي، ووايل دحدوح، الذي استمر في العمل بعد فقدان عائلته.
لقد ورث الشريف مهمة توثيق الأحداث في وقت كان العالم يحاول تجاهل ما يحدث في غزة، ومع مقتله ومقتل زملائه، تم القضاء على فريق قناة الجزيرة بالكامل في غزة، تذكرنا اللحظات التي انهار فيها الشريف على الهواء مباشرة، حيث كان يشاهد امرأة تنهار من الجوع، وقد نادى عليه أحد المارة قائلاً: "استمر، أنس، أنت صوتنا".
كما نتذكر اللحظة التي خلع فيها سترة الصحافة على الهواء ليعلن عن وقف إطلاق النار، وهو ما كان بمثابة تنفس بعد أيام من القتل المتواصل، لقد أصبح الشريف عدوًا لدولة تنفذ إبادة جماعية، حيث تعرض لتهديدات من الاستخبارات الإسرائيلية، وواجه تحذيرات مباشرة بعد مقتل والده، حيث تم تحذيره من أنه سيتعرض للعقاب إذا لم يتوقف عن تغطيته.
وفي النهاية، تم تنفيذ التهديد، حيث قُتل الشريف وزملاؤه في غارة جوية إسرائيلية، مما يعكس سياسة إسرائيل في استهداف الصحفيين الذين ينقلون الحقيقة، أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بتوجيه الاتهامات مباشرة إلى الشريف، محذرًا من أن هذه الاتهامات تمثل محاولة لتبرير قتله.
وقد حذرت لجنة حماية الصحفيين من أن هذه الاتهامات غير المبررة تمثل جهدًا لتصنيع الموافقة على قتل الشريف، مما يعكس تصاعد التوترات ضد الصحفيين في المنطقة، لقد شهد الشريف مقتل أصدقائه وزملائه أمام عينيه، وحمل توابيتهم، ثم عاد إلى العمل وكأن شيئًا لم يكن، مستمدًا القوة من زملائه الذين سقطوا، مثل شيرين أبو عاقلة، التي قُتلت أيضًا على يد القوات الإسرائيلية.
إن مقتل أنس الشريف يُعتبر جريمة ضد حرية الصحافة، ويعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها الصحفيون في مناطق النزاع.
