في الوقت الذي يُفترض أن يلعب فيه الإعلام دورًا حيويًا في كشف الحقائق ومحاسبة السلطة، يبدو أن وسائل الإعلام البريطانية لم تؤدِ هذا الدور فيما يتعلق بإسرائيل وحرب غزة، حيث تكررت الأكاذيب التي روجها السياسيون الإسرائيليون والبريطانيون، بل إن بعض الصحفيين البريطانيين أضافوا أكاذيب جديدة، مما جعلهم بمثابة ذراع دعاية للدولة الإسرائيلية، وفقًا لما ذكرته مصادر مثل Middle East Eye، الاجتماع الأخير الذي جمع وزير الخارجية الإسرائيلي، غيدون ساعر، بنظيره البريطاني، ديفيد لامي، كان حدثًا بارزًا، حيث جاء بعد أيام من احتجاز وترحيل السلطات الإسرائيلية لاثنين من نواب حزب العمال، وذلك بعد شهر من خرق إسرائيل لوقف إطلاق النار مع حماس، مما فتح المجال لجولة جديدة من الفظائع، بالإضافة إلى استمرار الحصار غير القانوني على غزة.
تزامن هذا الاجتماع مع تكهنات متزايدة حول ضغوط إسرائيل لشن حرب جديدة على إيران، في وقت يُعتبر فيه ساعر أحد كبار أعضاء حكومة تُحاكم بتهمة الإبادة الجماعية في المحكمة الدولية في لاهاي، كما أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، على الرغم من أهمية هذا الاجتماع، إلا أن وسائل الإعلام البريطانية لم تتناول الموضوع بشكل كافٍ، حيث تم الحفاظ على سرية الزيارة، ولم يُعلن عنها من قبل الحكومتين الإسرائيلية أو البريطانية.
وقد كشفت Middle East Eye عن الزيارة قبل أن تؤكد الحكومة الإسرائيلية لاحقًا أن ساعر ولامي ناقشا البرنامج النووي الإيراني والمفاوضات الجارية لتحرير الأسرى الإسرائيليين في غزة، كان من المتوقع أن تصدر وزارة الخارجية البريطانية بيانًا رسميًا حول الاجتماع، كما هو معتاد، خاصة بعد أن قامت إسرائيل بذلك، ولكن لم يكن هناك أي بيان رسمي، ورفضت الوزارة التعليق على الموضوع رغم الطلبات المتعددة من وسائل الإعلام.
من المثير للدهشة أن الاجتماع بين ساعر ولامي لم يحظَ باهتمام الصحفيين البريطانيين، حيث كان من المتوقع أن يكون زيارة وزير الخارجية لدولة في حالة حرب وتُحاكم بتهمة الإبادة الجماعية خبرًا ضخمًا، ولكن وسائل الإعلام الرئيسية تجاهلت الحدث، باستثناء تقرير متأخر من صحيفة الغارديان، إذا افترضنا أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد تم تهريبه سراً إلى بريطانيا للاجتماع مع وزير الخارجية البريطاني، لكان هذا الخبر قد تصدر الصفحات الأولى في جميع الصحف، ولكن ما حدث مع زيارة ساعر كان مختلفًا تمامًا.
بعد يوم من الاجتماع، نشرت Middle East Eye مقابلات مع نواب مستقلين، عبروا عن قلقهم من هذا الاجتماع السري، مما يبرز أهمية الشفافية في العلاقات الدولية، خاصة في ظل الأزمات الحالية، تظهر هذه الأحداث كيف أن الإعلام يمكن أن يتجاهل قضايا مهمة، مما يثير تساؤلات حول مدى استقلاليته وموضوعيته في تغطيته للأحداث الدولية، خاصة تلك المتعلقة بالصراعات في الشرق الأوسط.
