أمضت أمل إسماعيل يومين كاملين وهي تتوسل لقائد قوات الدعم السريع أن يخبرها عن مصير شقيقيها وزوج أختها وابن عمها، الذين فقدوا بعد أن تم اقتيادهم من شاحنة كانت تقل عائلتها ومئات من أفراد قبيلة الجماعيت، في طريقهم من منطقة السالحة إلى وسط مدينة أمدرمان، أخبرها القائد أن بعض الأشخاص من الشاحنة قد قُتلوا، وطلب منها التحلي بالصبر، مشيراً إلى أن مصير أقاربها سيظهر في النهاية، مضيفاً: "لقد ارتكبت خطأً بمحاولتك مغادرة السالحة".
بعد ذلك، عادت أمل إلى منزلها واستخرجت هاتفاً كانت قد أخفته، وتوجهت إلى أحد الأماكن القليلة التي كانت تحتوي على إشارة، هناك، غمرتها الرسائل، بما في ذلك مقاطع الفيديو التي نشرها المقاتلون على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تظهرهم يحتفلون أمام رجال عُزل.
في أحد الفيديوهات، أطلق المقاتلون النار على مجموعة من المعتقلين الجالسين على الأرض، بينما أظهر فيديو آخر أكواماً من الجثث، حيث رأت أمل شقيقها محمد ملقى تحت إطار سيارة، وقد فارق الحياة، بدأت مأساة أمل ورحاب إسماعيل في أواخر أبريل، عندما قررت عائلتهما ومئات من أفراد قبيلة الجماعيت مغادرة السالحة في قافلة، حيث كانت المنطقة تحت سيطرة قوات الدعم السريع لمدة عامين، مما أدى إلى نقص حاد في الكهرباء والغذاء، وكانت المياه الوحيدة المتاحة عبارة عن سائل مرير يتم استخراجه من بئر تحت الأرض.
عندما تحركت القافلة، واجهتهم مجموعة من مقاتلي قوات الدعم السريع الذين أطلقوا النار على إطارات الشاحنة وأجبروهم على النزول، قال خمسة من أعضاء القافلة لموقع Middle East Eye إنهم تعرضوا للجلد وإطلاق النار والإساءة.
تم تقسيم الناس إلى مجموعات صغيرة وأُخذوا إلى متاجر صغيرة على جانب الطريق، حيث تعرضوا للتعذيب، قال يوسف حسين، أحد الناجين، إن المقاتلين استخدموا أي أدوات كانت متاحة لهم، وضربوهم بالسياط وقطع صغيرة من الخشب.
كما أضاف أن المقاتلين كانوا مصممين على أن القافلة تتكون من أفراد قبيلة الجماعيت، متهمين إياهم بأنهم مسؤولون عن قتل العديد من رفاقهم، عندما حاول علي وداع، أحد أعضاء القافلة، الادعاء بأنه من قبيلة أخرى، قُتل على الفور.
بينما تم فصل النساء عن الرجال، وتمت مصادرة أي أموال أو ذهب أو هواتف محمولة تم العثور عليها، قالت رحاب: "إذا رأوا أنك تمتلك أموالاً على تطبيق مصرفي، كانوا يجبرونك على تحويلها إليهم".
بعد خمس ساعات من الاستجواب والتهديدات، أصبح مصير العديد من أفراد عائلتهم مجهولاً، مما زاد من معاناتهم في ظل الصراع المستمر في السودان.
