تعتبر العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل واحدة من أكثر العلاقات تعقيدًا في السياسة الدولية، حيث تتداخل فيها المصالح الاقتصادية والسياسية، مما يجعل من الصعب على المراقبين فهم أبعادها الحقيقية، منذ عقود، استخدمت الولايات المتحدة جميع أنواع الأسلحة والأساليب لتحقيق أهدافها، بدءًا من القصف في طوكيو وصولاً إلى القنابل الذرية في هيروشيما وناجازاكي، مرورًا بتفكيك الدولة العراقية من خلال "الصدمات والرعب"، مما يبرز نمط التدخل الأمريكي في الشؤون العالمية.
نقلاً عن Middle East Eye، فإن العمليات التي قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) لتجنيد شخصيات عسكرية وعلمية نازية سابقة تعكس كيف أن هذه السياسات ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي أسس تحدد سلوك المؤسسات الأمريكية، إن احتضان الولايات المتحدة للصهيونية، والدعم الاقتصادي والسياسي الذي تقدمه لإسرائيل، يمكّن تل أبيب من العمل كأداة للإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط.
الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، الذي وصف نفسه بأنه صهيوني، كان له دور رئيسي في ترسيخ هذا الموقف في السياسة الأمريكية، حيث صرح في عام 1986 بأن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل هو "أفضل استثمار بقيمة 3 مليارات دولار"، وقد استمر هذا الرقم في الارتفاع على مر السنين، مما يعكس التزام واشنطن الثابت بدعم تل أبيب، حتى في ظل إدارة ترامب التي أظهرت بوضوح أن إسرائيل تعتبر قاعدة أمريكية في المنطقة.
تتجلى الصعوبة في تغيير هذه الديناميكيات في أن أي مرشح سياسي يسعى للوصول إلى منصب رفيع في الولايات المتحدة يواجه تحديات هائلة، حيث أن نطاق الآراء المقبولة يظل محدودًا للغاية، خاصة في قضايا السياسة الخارجية، إن السياسة الخارجية الأمريكية ليست فقط نتيجة للقرارات السياسية، بل هي أيضًا انعكاس للسياسات الداخلية، مما يجعل المواطنين الأمريكيين يشعرون بأنهم بعيدون عن أي شكل من أشكال السلطة السياسية الفعلية.
على الرغم من أن الجمهور الأمريكي يتعرض لعقود من الدعاية السينمائية، إلا أن فهمهم للاحتلال العسكري أو الحروب التي تحدث خارج حدودهم يبقى محدودًا، إن الضغوط التي تمارسها القوى الاقتصادية والسياسية تجعل من الصعب على المواطنين الربط بين الأحداث العالمية وما يحدث في بلادهم.
ومع ذلك، فإن الأوقات الحرجة، مثل حرب فيتنام أو الإبادة الجماعية الحالية في غزة، تدفع قطاعات واسعة من السكان إلى إعادة تقييم الموقف وفهم من هم المستفيدون من هذه السياسات، في عالم عادل، يجب أن يتحمل المسؤولون التنفيذيون في الشركات، ورؤساء التحرير، ومدراء الجامعات، مسؤولية التواطؤ في الجرائم ضد الإنسانية، لكن الواقع هو أن الكثيرين منهم يفضلون البقاء في منطقة الراحة الخاصة بهم، بعيدًا عن المخاطر السياسية.
إن فهم هذه الديناميكيات هو خطوة أساسية نحو تحقيق تغيير حقيقي في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.
