ألمانيا وجرائم الإبادة في غزة: تواطؤ الغرب يكشف عن سياسات عنصرية

ألمانيا وجرائم الإبادة في غزة: تواطؤ الغرب يكشف عن سياسات عنصرية

تتزايد المخاوف من الأوضاع الإنسانية في غزة، حيث يعاني الفلسطينيون من ظروف قاسية، مما يذكر الألمان بتاريخهم المظلم في الاستعمار والإبادة الجماعية، الصور التي تظهر أطفالاً ونساءً ورجالاً يتضورون جوعاً، تعيد إلى الأذهان مآسي تاريخية مثل تلك التي تعرض لها شعب الناما والهيريرو على يد المستوطنين الألمان في ناميبيا، وكذلك المجاعات التي شهدتها مدن مثل لينينغراد وستالينغراد خلال الحصار النازي.

إن ممارسة تجويع الناس حتى الموت تُعتبر ممارسة استعمارية وفاشية، وما فعله الألمان بملايين الأشخاص في الماضي، يتم تكراره اليوم من قبل الصهاينة في غزة وفلسطين، ورغم الفظائع، لا يزال النظام السياسي الألماني يواصل إبرام صفقات الأسلحة مع القتلة، ويرفض وصف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون باسمها الحقيقي.

يُظهر المستشار الألماني فريدريش ميرز، الذي ادعى أنه كان من أوائل من وصفوا الوضع في غزة بأنه "لا يُحتمل"، تردداً في اتخاذ خطوات حقيقية مثل قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، بدلاً من ذلك، يشارك ميرز في عمليات إغاثة جوية، مما يُعتبر تمييعاً للإبادة الجماعية وتحويلها إلى أزمة إنسانية غامضة، مما يمكّن الصهاينة من مواصلة مجازرهم.

على مدى عقود، سعت الدول الغربية إلى تطبيق سياسات بيولوجية نيو ليبرالية من خلال مستعمرتها الصهيونية، مستخدمة فلسطين وغزة كحقل تجارب لرؤية مدى قدرتها على تدمير البشر، كما أشار ميشيل فوكو في محاضراته الشهيرة عام 1979، فإن السياسة أصبحت مسألة حياة وموت، وليس مجرد قيم ومعايير.

تستند السياسات الحديثة للصحة والسكان إلى خلق أمة صحية تستحق الحياة، بينما يتم تعريف أولئك الذين لا ينتمون على أنهم غير جديرين بالحياة، هذه التمييزات البيولوجية تمثل المبدأ التوجيهي للغرب تجاه سكان غزة وفلسطين، حيث يُسمح للصهاينة بالعيش بينما يُترك الفلسطينيون للموت.

ومع ذلك، فإن هذه السياسات العنصرية لم تبدأ كما افترض فوكو في القرن التاسع عشر، بل تعود إلى بدايات الحداثة الغربية، كما أشار المفكر السياسي محمود ممداني، فإن الحداثة بدأت في عام 1492 مع حدثين تاريخيين على شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث قام الملك فرديناند الثاني بتطهير بلاده من العرب واليهود، وأرسل كريستوفر كولومبوس لاكتشاف أراض جديدة.

تمثل فلسطين وغزة اليوم أسوأ مظاهر الرغبة الغربية في إنشاء دول بيضاء في أجزاء أخرى من العالم، حيث تُظهر كل الأنظمة الاستعمارية منطق الإقصاء، إن ما يحدث في غزة هو تجسيد لهذه السياسات، مما يستدعي وقفة جادة من المجتمع الدولي لوضع حد لهذه الممارسات.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *