توفي المصور الصحفي محمد سلامة، مراسل ميدل إيست آي، في غارة إسرائيلية مزدوجة على مستشفى ناصر في خان يونس، حيث قُتل مع خمسة من زملائه، بما في ذلك أحمد أبو عزيز، وذلك في سياق التصعيد العسكري الإسرائيلي على غزة الذي بدأ في أكتوبر 2023. سلامة، الذي كان قد اشترى كاميرا جديدة قبل وفاته، كان من بين أوائل الصحفيين الفلسطينيين الذين وثقوا الأحداث المأساوية في غزة، حيث بدأ بنشر تقاريره عبر تطبيق تيك توك، سلامة كان معروفًا بشغفه الكبير واهتمامه بتوثيق معاناة الفلسطينيين، حيث أنتج حوالي 200 تقرير لموقع ميدل إيست آي، وعمل أيضًا مع قنوات أخرى مثل الجزيرة.
خالد شلبي، رئيس قسم الإنتاج الفيديو في ميدل إيست آي، أشار إلى أن سلامة كان يتواصل معه يوميًا، وكان دائمًا في حالة اتصال معه لتقديم التحديثات حول الوضع في غزة، قال شلبي: "أجد صعوبة في العثور على كلمات لوصف هذا الفقدان الكبير، لا أستطيع تخيل تغطيتنا بدون سماع صوت محمد في رسائل الصباح".
تذكر الصحفي والمخرج حسام أبو دان كيف أن سلامة كان يقضي لياليه في مستشفى ناصر خلال الحصار الإسرائيلي في فبراير من العام الماضي، حيث كان يعمل بجد لتوثيق الأحداث رغم صعوبة الظروف، وأوضح أبو دان أن سلامة كان يسعى دائمًا لتطوير نفسه، وكان يعمل لساعات طويلة، مصممًا على توثيق ما يحدث حوله.
ومع ذلك، كان سلامة حذرًا في تغطيته، حيث لم يكن يغامر بحياته بلا داعٍ، وكان يحرص على الاستمرار في العمل لتوثيق الأحداث، سلامة لم يكن فقط مصورًا، بل كان إنسانًا حساسًا تجاه معاناة الناس، حيث كان يركز على سرد قصصهم بلطف ورعاية.
ومع ذلك، كانت تقاريره صادقة ولا تتجنب تفاصيل الفظائع التي تحدث في غزة، حيث كانت صفحته على إنستغرام مليئة بالصور المؤلمة التي تظهر آثار الهجمات، بما في ذلك جثث هزيلة، وأطفال جرحى ومصابين بسوء التغذية، في إحدى الصور المروعة، تظهر بقايا الصحفية مروة مسلم وعائلتها بجانب سترة الصحافة الخاصة بها.
قبل أسبوعين من وفاته، أجرى سلامة مقابلة مؤلمة مع امرأة من منطقة موراج قرب خان يونس، حيث كانت تصرخ أمام الكاميرا وهي تصف محاولتها إطعام أطفالها وسط الحصار، كما تذكر شلبي كيف أن سلامة وزميله أسفور عملا بلا كلل لتتبع صبي فلسطيني يبلغ من العمر 13 عامًا كان قد تعرض للمضايقة بسبب دوره في فيلم وثائقي تم إلغاؤه من قبل بي بي سي.
سافر محمد عبر مناطق خطرة في غزة للقاء عبد الله اليزوري، الصبي الذي تم تصويره في الفيلم، وأصر على القيام بذلك حتى تم نشر رد فعل عبد الله الأول، سلامة، الذي كان يمثل صوتًا مهمًا في تغطية الأحداث في غزة، سيبقى في ذاكرة زملائه كرمز للتفاني والشجاعة في مواجهة الفظائع، حيث كان يسعى دائمًا لتوثيق الحقيقة ونقل معاناة شعبه للعالم.
