استراتيجية ترامب في السيطرة على مؤسسات أمريكا

يختبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل تدريجي استقلالية المؤسسات الكبرى في البلاد، حيث يسعى لتحقيق سلطة غير محدودة، ويظهر ذلك من خلال إقالته لمحافظ الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، وهي سابقة في التاريخ الحديث، مما يدل على أن استقلال البنك المركزي لم يعد محصناً، في غضون سبعة أشهر فقط، تمكن ترامب من توسيع سلطته بشكل كبير من خلال اتباع استراتيجية بسيطة: السيطرة على ما يمكنه، والتنافس على ما لا يمكنه السيطرة عليه، ومعاقبة من يقاوم.

وقد صرح ترامب للصحفيين قائلاً: "لدي الحق في فعل أي شيء أريد القيام به، أنا رئيس الولايات المتحدة"، في إشارة إلى تهديده بإرسال الحرس الوطني إلى شيكاغو، لقد تمكن ترامب من السيطرة على كل جزء من السلطة التنفيذية، حيث لم يعد هناك أي تظاهر بالاستقلال في البيروقراطية الفيدرالية.

فقد أعلن ترامب نفسه، وليس المدعي العام، كـ"الضابط الرئيسي لإنفاذ القانون" في أمريكا، وقام بتعيين موالين له في وزارة العدل، الذين يقودون الآن تحقيقات جنائية ضد الديمقراطيين ومسؤولين في إدارة أوباما، في مجال الاستخبارات، تم سحب تصاريح الأمن من المشتبه في تسريبهم، وتم تقليص عدد موظفي الاستخبارات بشكل كبير.

كما أقال وزير الدفاع بيت هيغسث رئيس وكالة الاستخبارات الدفاعية بعد أن أظهرت تقييمات أولية أن الضربات التي نفذها ترامب ضد إيران كانت أقل نجاحاً مما ادعى، علاوة على ذلك، أصدر ترامب أمراً تنفيذياً نقل بموجبه جميع الهيئات التنظيمية تحت سيطرة البيت الأبيض، مما ألغى عقوداً من الاستقلالية، ومهد الطريق لتقليص دور مكتب حماية المستهلك ووكالة التنمية الدولية الأمريكية.

كما أقال ترامب أكثر من 20 مفتشاً عاماً مسؤولين عن الرقابة الداخلية، بالإضافة إلى رئيس مكتب إحصاءات العمل، في العاصمة واشنطن، سيطر ترامب بشكل حرفي ومجازي على جزء كبير من المدينة، حيث نشر الحرس الوطني، واستولى على مركز كينيدي، وهدد المتحف الوطني بالسمسرة بسبب ما يعتبره محتوى "مناهضاً لأمريكا"، مثل صور المهاجرين غير الشرعيين.

ومع ذلك، لا تزال هناك ساحات معركة تواجه تدخلات مستمرة، لكن ترامب لم يحقق السيطرة الكاملة بعد، في المجال العسكري، أقال ترامب جنرالات بارزين، وطلب من المرشحين الجدد للرتب الأربعة نجوم الاجتماع معه.

كما ألقى خطباً حزبية في أماكن عسكرية تاريخياً غير حزبية، وأمر بإنشاء وحدات خاصة من الحرس الوطني لاستخدامها في إنفاذ القانون المحلي، في الكونغرس، عمل البيت الأبيض على تقويض السلطات الأساسية للتشريع فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والإنفاق والحرب، متجاوزاً المشرعين من خلال إعلانات الطوارئ أو التحدي المباشر.

كما قام ترامب بتهديد المعارضين وطالب ولاية تكساس بإعادة رسم خريطتها الانتخابية لإضافة خمسة مقاعد للحزب الجمهوري، في مجال الأكاديميا والقانون، تمكنت إدارة ترامب من الحصول على أكثر من مليار دولار من التسويات من الجامعات الكبرى وشركات المحاماة، مما استخدمه كوسيلة للضغط على مراكز القوة الليبرالية.

وفي عالم الشركات، يقدم ترامب نفسه كرئيس لجميع المجالس، حيث يتدخل بشكل روتيني في القطاع الخاص من خلال تهديدات الرسوم الجمركية والإجراءات التنظيمية، على الرغم من ذلك، لا تزال هناك مؤسسات تعمل كأوزان مضادة، مثل المحاكم التي جمدت العشرات من سياسات ترامب الأكثر عدوانية، وتحدثت ضد الترهيب.

ومع ذلك، فقد تصاعدت هجمات البيت الأبيض على القضاة "المتمردين"، مما يختبر قدرة القضاء على تحمل الضغط المستمر، كما تواصل وسائل الإعلام الكبرى التحقيق وكشف التناقضات في رئاسة ترامب، رغم محاولاته تقليص الوصول وتهديد وسائل الإعلام بالإجراءات التنظيمية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *