سوريا تدعو لإنهاء التوغلات الإسرائيلية بشكل عاجل

سوريا تدعو لإنهاء التوغلات الإسرائيلية بشكل عاجل

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، استخدمت الحكومة الجديدة في دمشق كل الفرص لتأكيد عدم رغبتها في الدخول في صراع مع إسرائيل، حيث تم التعبير عن هذا الموقف من خلال رسائل خاصة، وعبر وكلاء، وفي عدة مقابلات إعلامية، فقد صرح محافظ دمشق، ماهر مروان، لشبكة NPR الأمريكية: "ليس لدينا خوف من إسرائيل، ومشكلتنا ليست مع إسرائيل، هناك شعب يريد التعايش، ويريد السلام، ولا يريد النزاعات"، وقد عزز هذه الرسالة الزعيم السوري الجديد، أحمد الشراء، الذي قال لصحيفة التايمز اللندنية: "لا نريد أي صراع سواء مع إسرائيل أو مع أي طرف آخر، ولن نسمح لسوريا أن تُستخدم كقاعدة لشن الهجمات، يحتاج الشعب السوري إلى استراحة، ويجب أن تنتهي الضربات، ويجب على إسرائيل أن تتراجع إلى مواقعها السابقة".

بعد يومين من تعيينه رئيساً، أشاد الشراء بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقابلة مع الإيكونوميست، وعند الحديث عن إسرائيل، حاول أن يمشي على حبل مشدود بين سياسته الجديدة كصانع سلام وتاريخ والده الذي وصل إلى دمشق بعد أن أصبح لاجئاً من هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967. قال الشراء: "نريد السلام مع جميع الأطراف"، لكنه أشار إلى أنه في ضوء الاحتلال الإسرائيلي المستمر للجولان، سيكون من السابق لأوانه التفكير في أي اتفاق لتطبيع العلاقات، من جهة أخرى، اعتبرت إسرائيل هذه العروض المتعددة للسلام علامة ضعف، مما دفعها إلى اتخاذ إجراءات أكثر جرأة وعدوانية، حيث تم إحباط خططها الأصلية لتقسيم سوريا إلى ثلاثة أجزاء من خلال الإبقاء على الدكتاتور السابق بشار الأسد في السلطة، مما جعلها تنتقل إلى خطة بديلة عندما أصبح واضحاً أنه لا يمكن لأحد إيقاف هيئة تحرير الشام من السيطرة على السلطة.

أعلنت إسرائيل بشكل أحادي عن مهمتها لدعم الأقليات السورية، الدروز في الجنوب والأكراد في الشمال، ومن دون توقف، شنت الطائرات الإسرائيلية غارات على البحرية السورية وعلى أسلحتها الثقيلة في سلسلة من الضربات الجوية المدمرة التي لا تزال مستمرة حتى اليوم، حيث استهدفت الطائرات الإسرائيلية يوم الثلاثاء مواقع عسكرية في كُسوة، جنوب دمشق، وفي محافظة درعا الجنوبية، تساؤلات عديدة تطرح حول الحق الذي يجعل إسرائيل تحاول تشكيل مستقبل سوريا وتقييد سيادتها، فقد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، بأن القوات العسكرية الإسرائيلية تستعد للبقاء لفترة طويلة في المنطقة، حيث تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 كيلومتراً ومنطقة نفوذ بعمق 60 كيلومتراً لمراقبة التهديدات المحتملة.

قبل تنصيب ترامب في يناير، قال مصدر لصحيفة يديعوت أحرونوت: "نحن نبني مفهومًا عمليًا لهذه الواقعية الجديدة"، وقد أصبح هذا المفهوم العملي لاحقاً عقيدة عسكرية مكتملة، ومع ذلك، كانت إسرائيل لا تزال تتجنب الحديث عن طموحاتها الإقليمية التي تمتد إلى ما هو أبعد من حدودها.

في يوم الأحد، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشكل صارخ بـ"المنطقة المنزوعة السلاح بالكامل" في جنوب سوريا من قوات النظام في دمشق، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية ستبقى في منطقة جبل الشيخ ومنطقة العازلة في الجولان "إلى أجل غير مسمى"، مضيفاً: "لن نسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بدخول المنطقة جنوب دمشق"، يبدو أن نتنياهو يتجاوز في جنوب سوريا ما تحاول إسرائيل تحقيقه في جنوب لبنان، حيث تعترف إسرائيل على الأقل بشرعية الجيش اللبناني، وإن كان ذلك بشكل محدود جداً، بينما ترفض في سوريا الاعتراف بالقوات العسكرية لحكومة استولت على السلطة من دكتاتور قاسٍ.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *