في 12 يونيو، أعلنت قوات الدعم السريع السودانية أنها سيطرت على الجزء السوداني من مثلث الحدود الذي يمتد بين السودان وليبيا ومصر، ويعتبر هذا الإقليم الصحراوي الغامض مكانًا بعيدًا عن أنظار العالم، حيث يسود فيه الفوضى والعنف والتهريب، بما في ذلك تهريب الذهب والأسلحة والمخدرات والأشخاص، وقد أصبح الآن ساحة حرب مفتوحة، تتجلى أهمية هذا الإقليم في موقعه الاستراتيجي، حيث يعد نقطة عبور حيوية بين الدول الثلاث، كما أنه غني بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن، وقد أدى الصراع المستمر بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية منذ أبريل 2023 إلى نزوح حوالي 12 مليون شخص من منازلهم، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في المنطقة.
قبل سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة، كانت تكلفة الرحلة من السودان إلى ليبيا عبر هذا المثلث حوالي 250,000 جنيه سوداني (حوالي 100 دولار)، وكانت تستغرق حوالي يوم كامل، لكن الوضع تغير الآن، حيث لم يعد سائقو الحافلات والمهربون يعلنون عن رحلاتهم كما كانوا يفعلون سابقًا، بعد سقوط القذافي في عام 2011، شهدت ليبيا حالة من عدم الاستقرار، مما أدى إلى صراع على السيطرة على الموارد، بما في ذلك الذهب، حيث كان لدى ليبيا احتياطيات من الذهب تقدر بأكثر من 6 مليارات دولار قبل سقوط النظام.
وقد وصف أحد عمال المناجم في المنطقة هذا المكان بأنه فرصة لكسب المال وليس للاستقرار، حيث أن الولاء الوحيد هناك هو للمال، منذ عام 2012، ازدهر تعدين الذهب في المنطقة، حيث جاء الآلاف من عمال المناجم الصغار من جميع أنحاء منطقة الساحل للقيام بأعمالهم، في الوقت الذي كانت فيه التجارة غير القانونية الأخرى تنمو، بما في ذلك تهريب السلع المسروقة والمخدرات، بالإضافة إلى تهريب الأشخاص إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط.
يعتبر سليمان بالدو، خبير في الشؤون السودانية، أن اقتصاد منطقة المثلث يجب أن يُفهم كجزء من اقتصاد الساحل الذي يعتمد على التسلح واستخراج الذهب والمعادن الأخرى، حيث تداخلت عوامل خطيرة أدت إلى الفوضى الحالية، مثل سقوط القذافي والحرب السودانية التي أثرت بشكل كبير على دارفور وتشاد ودول أخرى في المنطقة، تقرير صادر عن تشاتام هاوس بعنوان "الذهب والحرب في السودان" أشار إلى أن التهريب عبر ليبيا يعكس الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية المستقرة نسبيًا التي أسسها القائد العسكري الشرقي خليفة حفتر، وهو ما يتناقض مع الوضع في السودان.
وقد سعت كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية للسيطرة على تجارة الوقود غير القانونية من جنوب ليبيا، والتي زادت بشكل كبير منذ عام 2022 نتيجة لسيطرة النخبة على قطاع النفط الليبي، تزايد الطلب على الوقود وتكاليفه خلال الحرب في السودان بسبب النقص، مما جعل المنطقة أكثر تعقيدًا من الناحية الاقتصادية والأمنية، حيث أصبحت بؤرة للصراعات المسلحة والتهريب، مما يهدد استقرار الدول المجاورة.
