تشهد غزة في الوقت الراهن حالة من الإبادة الجماعية، حيث تتواصل الحرب الإسرائيلية التي تسببت في مآسي إنسانية جسيمة، ويجب أن تنتهي هذه الحرب، وأي خطوة من شأنها تسريع نهايتها يجب أن تُحتضن، من أجل إنقاذ حياة أكثر من مليوني فلسطيني، بالإضافة إلى الرهائن الذين لا يزالون على قيد الحياة، شهد نهاية الأسبوع الماضي احتجاجات كبيرة قادتها عائلات الرهائن، حيث culminated في تجمع حاشد في ساحة الرهائن بتل أبيب، ورغم أن الدعوة لإنهاء الحرب على غزة لم تكن الشعار الرئيسي الذي جذب مئات الآلاف إلى الشوارع، إلا أنها كانت متضمنة بشكل أو بآخر في جوهر اليوم.
كل صوت يُرفع ضد هذه الحرب المدمرة له أهميته، حتى لو كان من نشطاء المناخ الذين يحتجون على الدمار البيئي الناتج عن الحرب، إلا أن الصمت التام عن الجانب الآخر من هذه الحرب، والذي يمنع عودة أحبائهم، يُعتبر أمرًا مذهلاً، عندما دعت ليشاي ميران-لافي، زوجة الرهينة عمري ميران، الجمهور للخروج "لسبب واحد فقط: لإنقاذ الرهائن والجنود"، شعرت بالاشمئزاز والإحباط العميق، فهذه ليست مجرد غفلة، بل هي دعوة صريحة لإسكات أي شخص يجرؤ على الإشارة إلى أن الرهائن يعانون في ظل الكارثة التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة.
لا يمكننا فصل الجوع الشديد الذي يعاني منه الرهائن عن المجاعة التي تفرضها إسرائيل على مليوني شخص، وهي سياسة وحشية أودت بحياة العديد من الأبرياء، إن ميران-لافي ليست وحدها، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تعارض فيها عائلات الرهائن دمج رسائل القلق على حياة الفلسطينيين في مطالب الاحتجاج.
عادة ما تكون الانتقادات لهذا الموقف خافتة، تُسكتها هالة الحصانة التي يمنحها المعاناة الكبيرة للرهائن وعائلاتهم، وهي معاناة حقيقية ومؤلمة، لكن في هذه اللحظة، تحدث إبادة جماعية في غزة، ولا يحق لأحد أن يعفي نفسه من الواجب الأخلاقي للاعتراف بهذه الإبادة والمطالبة بإنهائها، من أجل الرهائن، ولكن قبل كل شيء، لأن هذه الجريمة الشائنة يجب أن تتوقف.
قد يعتقد البعض أن بعض التردد stems من مخاوف من أن تُوسم الاحتجاجات بالوصمة الدائمة كونها "يسارية" أو "موالية للعرب"، ففي إسرائيل الحالية، أصبحت الأخلاق العالمية جريمة في حد ذاتها، الحقيقة هي أن اليمين السياسي بالفعل يصنف مثل هذه الاحتجاجات على أنها تخدم حماس.
ومع ذلك، حتى لو كان القلق يتعلق بفقدان الدعم الشعبي الواسع، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن عائلات الرهائن ليست مجرد مجموعة مصالح خاصة داخل المجتمع الإسرائيلي، فصراعهم، رغم كونه شخصيًا للغاية، إلا أنه بعيد كل البعد عن كونه قطاعيًا، في الواقع، تُعرّف العائلات نفسها النضال من أجل عودة الرهائن كمعركة حول طبيعة المجتمع الإسرائيلي نفسه وقدرته على الشفاء.
في هذه الأوقات من الفناء والإبادة، ما معنى هذا الالتزام بالدولة، الذي لا يزال يتمسك به عائلات الرهائن، وإذا كانت هذه حقًا معركة حول هوية إسرائيل، فإنه من المشروع والضروري المطالبة بأن لا يُعاد تشكيل المجتمع الإسرائيلي بعد هذه الكارثة من خلال إنكار جديد لكارثة الفلسطينيين والجرائم المرتكبة باسمنا.
