تدمير المنازل في غزة: سياسة ‘المنزل المفقود’ وتأثيرها على الهوية الفلسطينية

تدمير المنازل في غزة: سياسة ‘المنزل المفقود’ وتأثيرها على الهوية الفلسطينية

تستمر معاناة الفلسطينيين في غزة، حيث تسببت الهجمات الإسرائيلية المتكررة في تدمير واسع للمنازل، مما أدى إلى فقدان الهوية والانتماء لدى الكثيرين منهم، وفقًا لتقارير متعددة، بما في ذلك ما ذكره المقرر الخاص للأمم المتحدة حول الحق في السكن اللائق، بالاكريشن راجاجوبال، الذي وصف الوضع بأنه "تدمير المنازل"، وهو تدمير متعمد ومنهجي للمنازل، تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 70% من البنية التحتية في غزة قد دمرت، حيث بلغ عدد المنازل المدمرة أكثر من 282,000 منزل، وهو ما يمثل حوالي 78% من إجمالي المباني في القطاع.

هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، حيث تم تهجير معظمهم عدة مرات، مما يزيد من تعقيد وضعهم النفسي والاجتماعي، تعتبر فكرة "المنزل" محورية في سرديات الاستعمار الاستيطاني، حيث يتم استخدام المنازل كأدوات للتدمير، كما أشار الباحثون آرييل هاندل وهاجار كوتيف.

إن تدمير المنازل لا يقتصر فقط على البنية المادية، بل يمتد ليشمل الشعور بالانتماء والارتباط المكاني، مما يؤدي إلى آثار نفسية عميقة على الأفراد، تظهر الشهادات من سكان غزة أن فقدان المنزل يعني فقدان الاستقرار النفسي، حيث عبر أحدهم عن شعوره بعدم وجود أفق للأمل بعد فقدان منزله.

إن المركزية التي يحتلها المنزل في منطق الاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية تعكس الدور المعقد الذي يلعبه المنزل كموقع للعنف والسيطرة، وكذلك كمساحة للوكالة والمقاومة، في الأشهر الأولى من الهجمات، استخدمت القوات الإسرائيلية خرائط لتقسيم غزة إلى أحياء محددة، مما ساهم في تحديد المنازل المستهدفة، وهو ما حول غزة إلى مكان غير مألوف يفتقر إلى الشعور بالانتماء والأمان.

إن استخدام المنازل كأداة للسيطرة يعكس الصراع المستمر حول الهوية والانتماء، حيث يتم تغيير الظروف التي تجعل من المنزل مكانًا للراحة والأمان، تعتبر غزة اليوم، كما وصفتها نادرة شلهوب-كيفوركيان، "منزلًا بلا مكان"، حيث فقد العديد من السكان القدرة على العودة إلى منازلهم، بعد أن دمرت كل العناصر اللازمة لبناء منزل جديد.

إن الألم الناتج عن تدمير المنازل يمتد ليشمل أولئك الذين لا يستطيعون العودة، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في المنطقة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *