في ممر ضيق بمستشفى العيون في غزة، يقف العشرات من المرضى الفلسطينيين مكتظين، حيث يجلس حوالي عشرة منهم على الكراسي، بينما يستند معظمهم إلى الجدران، وبعض النساء يستلقين على الأرض، يملأ المكان كبار السن والصغار، وجوههم مرسومة بالتعب والهزال والحزن، ما يجمعهم هو الحاجة الماسة للعلاج لأحد أو كلا العينين، من بينهم الطفلة مريم رihan البالغة من العمر 11 عامًا، قبل أكثر من ثلاثة أشهر، دمرت غارة جوية إسرائيلية منزلها، مما أسفر عن مقتل عائلتها بالكامل وتركها بإصابات خطيرة في عينيها، الآن تعيش كابوسًا مستمرًا، محاصرة في ممرات المستشفى الفوضوية، قالت رihan: "في لحظة واحدة فقدت عائلتي، منزلي، وبصري"، وأضافت: "لم أتخيل أبدًا أنني سأفقد بصري تمامًا"، وتابعت: "لا أستطيع وصف مدى حزني وكسر قلبي لأنني لم أعد أستطيع الرؤية"، وفقًا للمسؤولين الصحيين الفلسطينيين، فقد فقد ما لا يقل عن 1500 شخص بصرهم خلال الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، وقد أصيب الكثيرون بفقدان البصر بسبب الشظايا والنيران المباشرة، بينما عانى آخرون من فقدان دائم للرؤية بسبب نقص الرعاية الطبية بعد هجمات القوات الإسرائيلية على المستشفيات، ويواجه بين 4000 و5000 شخص آخرين خطر فقدان البصر ولا يستطيعون تلقي العلاج اللازم، وتعود معاناتهم إلى تدمير إسرائيل لمرافق طبية رئيسية، بما في ذلك الهجوم على المستشفى الرئيسي للعيون في غزة، بالإضافة إلى التهجير القسري للعديد من الأطباء المتخصصين.
مريم رihan ليست الوحيدة، فقد بدأت معاناتها في 9 يونيو، عندما استهدفت غارة إسرائيلية منزلها في مخيم جباليا للاجئين، حيث حولت القنبلة والدها ووالدتها وإخوتها إلى جثث، كما قالت الفتاة، وقد أصيبت واحتجزت تحت الأنقاض، "لم أفهم تمامًا ما حدث لي، طبيعة إصابتي، أو ما حدث لعائلتي"، وتذكرت: "كنت أعتقد أنني سأموت بالتأكيد"، قال عمها محمد رihan، البالغ من العمر 25 عامًا، إن فرق الدفاع المدني لم تتمكن من الوصول إلى المنطقة المستهدفة بسبب هجوم عسكري إسرائيلي قريب، واضطر أقاربها لاستخدام أدوات بدائية لاستخراجها من تحت الأنقاض بعد ساعات، ونقلوها وشقيقتها إلى مستشفى الشفاء في وقت متأخر من الليل، حيث كان المستشفى يعاني من ضغط كبير بسبب عدد الإصابات، struggled الأطباء في تشخيص وعلاج الحالات، وتم إحالة رihan إلى مستشفى العيون في غزة لإجراء عملية طارئة بسبب إصابتها الشديدة، وبسبب تدفق الجرحى وانهيار النظام الطبي، لم تدخل غرفة العمليات حتى بعد يومين، مما أدى إلى فقدان كامل للرؤية في عينها اليمنى وتضرر شبه كامل في عينها اليسرى.
قالت رihan: "لا أعرف ما الذي يحزنني أكثر: فقدان بصري، والدي وعائلتي، أو منزلنا"، وأضافت: "أشتاق لرؤية النور مرة أخرى، تمامًا كما أشتاق لرؤية والدي وإخوتي"، وتابعت: "أفتقد ألعابي وكتبي ودفاتري، والخروج إلى الشارع، لا أعرف ما هي الخطية التي ارتكبتها لأفقد بصري وتتعطل حياتي في سن الحادية عشرة فقط"، على الرغم من أن الهجوم ترك رihan عمياء تمامًا في عينها اليمنى، قرر الأطباء عدم إجراء عملية على عينها اليسرى، بحجة أن رؤيتها قد تُستعاد من خلال إجراءات متقدمة في الخارج، وهي علاجات غير متاحة حاليًا في غزة، وقد تولى عمها محمد مسؤولية رعايتها بالكامل منذ إصابتها، خاصة في غياب والديها، وقال: "مريم الآن تحت مسؤولية جدها وجدتها، وأنا، نحن جميعًا نحاول مساعدتها على تجاوز الصدمة الحادة".
